إن الله ـ جلَّ جلاله ـ حين مدح أقرب خلقه إليه المصطفين الأخيار من عباده من الأنبياء مثل "أيوب" ـ عليه السلام ـ قال: "نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ".
سورة "ص": الآية (30).
فنصف العبد أنه خالصًا لله وحده: "إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي".
سورة "آل عمران": الآية (35)
أي خالصًا لله وحده لا يرغب بالدنيا، وليس معنى هذا أن نتخلى عنها ونهمل موارد رزقنا، ولكن نتجافاها تعففًا: "يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ".
سورة "البقرة": الآية (273).
"عفيف متعفف ذو عيال"، وهذا أولهم تبعًا لقول سيد الخلق ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فالعين عفيفة لا تتطلع، واللسان لا ينطق من العفة، والأذن لا تتصنت، والعقل عفيف لا يستشرف، والقلب غنى بالعفة، ففي الحديث عَنْ "حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ" قَالَ: سَأَلْتُ النَّبيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَأَعْطَاني، ثمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَاني، ثمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَاني، ثمَّ قَالَ: "إِنَّ هَذَا المَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَمَنْ أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلا يَشْبَعُ، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى".
أخرجه "مسلم" في صحيحه.
وصف جميل العفيف صاحب القلب الغنى لا يستشرف، وإنما هو غنى، بينه وبين ما لا يملكه تجافى تعففًا، لا يستغنى بها تكثرًا، ولا يستكثر منها تملكًا، وإن كان مالكا لها بهذا الشرط، فهو غناه في فقره فلا يستغنى بها اعتمادًا عليها، ولا يفتقر إليها مساكنة إليها، لا يعتمد عليها أبدًا ولا يحتاج إليها، بل على الله محتاج دائمًا لله، يقول الله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ".
سورة "يونس": الآيات (7ـ8).
فهذا العبد لا يريد الدنيا، فقدوته النبي الكريم، فقد رُوِيَ عن "ابن عباس" أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ دخل عليه "عمر" وهو على حصير قد أثر في جنبه فقال: يا نبي الله لو اتخذت فراشا أوثر من هذا. فقال: مالي وللدنيا؟ ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف، فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار، ثم راح وتركها".
رواه "أحمد" في "مسنده"، وعلَّق عليه "شعيب الأرنئوط" بقوله: إسناده صحيح.
إننا ينبغي أن نفهم أن من صفة العبد الرباني أنه يعمل على موافقة الله في الصبر، والرضا والتوكل والإنابة، فالصبر مطلوب، وهو صبر بالله، وصبر لله، وصبر في الله، وصبر عن الله.
إن العبد خالصًا بكليته لله، ليس لنفسه ولا هواه في أحواله حظ ونصيب، فهو يريد الله بمراد الله، وهمته لا تقف دون شئ سواه، قد فني بحب الله عن حب ما سواه، وبأمر الله عن شهوته وهواه، وبحسن اختيار الله له عن اختياره لنفسه، فهو في وادٍ والناس في وادٍ أخر.
الشيخ "محمد حسين يعقوب
شاهد المزيد من المعلومات الإسلامية والتسجيلات القرآنية والاذكار - اضغط هنا
مواضيع مميزة
تحميل كتب باللغة العربية مميزة والأكثر قراءة - اضغط هنا وحمل كتب عربية
طرق جديدة مجربة وناجحة في الربح من الانترنت - اضغط هنا وابدا بربح المال
تفسير الاحلام حسب الحروف والاسماء من الألف إلى الياء فوري ومجانا - اضغط هنا
لعلاج السحر والحسد - المس والقرين - سوء الحظ والعكوسات - اضغط هنا
شاهد أيضاً: مواضيع مميزة
تفسير الاحلام مجانا + علاج السحر والحسد + كتب وبرامج + الزراعة في المنزل + الجمال والموضة + الحالة النفسية + سياحة وسفر + حيوانات اليفة + الطب والحياة الجنسية + علاج السمنة والنحافة + استضافة وتصميم مواقع + التسويق والمبيعات + تيشيرت وملابس + الربح من الانترنت + دليل المواقع المفيدة + صور وفيديو + منتجات نادرة للبيع في مصر والسعودية والامارات + ادوية واعشاب خضراء + خدمات عامة + المزيد
الحمدلله رب العالمين والصلاة على سيد المرسلين شكرا على المعلومات المفيدة توفي اخي عن عمر23 والامر مؤلم جدا جدا
ردحذف